أديب وصحفي سوري غطت معارفه مجالات مختلفة، يعتبر من رواد النهضة العربية الحديثة حيث اكتسبت كتاباته زخما كبيرا مطلع القرن العشرين، وقد عرف بدعوته إلى التجديد وافتتانه بالثقافة الباريسية.
- ولد محمد فريد بن عبد الرزاق بن محمد كرد علي عام 1876 في دمشق لأب كردي وأم شركسية، وتنحدر أسرته من مدينة السليمانية شمالي العراق.
- تلقى مراحل التعليم الأولية بدمشق ودرس فيها المرحلتين الإعدادية والثانوية، وتعلّم اللغات التركية والفرنسية والفارسية إلى جانب العربية.
وقد صحب محمد كرد علي العديد من مشايخ العلم في سوريا فدرس عليهم الأدب واللغة والبلاغة والتاريخ والفقه والفلسفة. ومن مشايخه سليم البخاري ومحمد بن محمد المبارك وطاهر الجزائري.
وبعد هجرته إلى مصر عام 1901 تتلمذ محمد كرد علي على الشيخ محمد عبده فلازم دروسه ومجالسه العلمية. - تولى رئاسة تحرير جريدة الشام الأسبوعية في الفترة من 1897 و1900، وهي أول صحيفة تصدر في دمشق.
وتولى في مصر رئاسة تحرير مجلة المقتبس العلمية عام 1906 ثم جريدة الظاهر، كما شغل منصب أمين سر تحرير جريدة المؤيد ذائعة الصيت.
ترأس مجمع اللغة العربية بدمشق عام 1919 وشغل منصب وزير المعارف بسوريا مرتين، عام 1920 ثم 1928، وظل في المنصب حتى 1931. - من البداية أبدى محمد كرد علي شغفا بالأدب والتاريخ. وعرف بدعوته إلى الإصلاح والتجديد واللحاق بالحداثة الغربية من خلال كتاباته في الصحف والمجلات العربية.
وخلال وجوده بمصر، لازم دروس الشيخ محمد عبده وتأثر بدعوته وسمع منه آراء الشيخ جمال الدين الأفغاني.
وقد اكتسبت كتابات محمد كرد علي زخما كبيرا إبان وجوده في مصر حيث كان يشرف على ثلاث صحف عرفت حينها بتمجيد الوطنية وانتقاد سياسات الاحتلال في العالم العربي.
وكان محمد كرد على صلة وثيقة بما يجري في الدولة العثمانية التي كانت آنذاك في طريقها للانهيار.
ويروي أنه عمل طيلة 12 عاما مع جمعية الاتحاد والترقي. ولكنه توقف عن مساندتها بعد الإطاحة بالسلطان العثماني عبد الحميد الثاني وإعلان تحول الدولة العثمانية إلى ملكية دستورية.
غادر مصر إلى دمشق عام 1908 وأعاد إصدار مجلة المقتبس التي كان يصدرها بالقاهرة.
وتعرض لمضايقات من السلطة والنافذين فاضطر إلى المغادرة سرا إلى فرنسا. وخلال مقامه في فرنسا التقى بمفكرين وأدباء وتعرف على الحركات السياسية والثقافية في الغرب.
انبهر محمد كرد علي بأوروبا وكتب 35 مقالة سجل فيها رحلته في الغرب وافتتانه بالعاصمة الفرنسية باريس. وقد طبعت هذه المقالات في كتابه “غرائب الغرب”.
لاحقا، أقام في تركيا وعهدت إليه الدولة العثمانية برئاسة تحرير جريدة الشرق العربية اليومية في الفترة من 1914 إلى 1918.
وفي عام 1919 عاد محمد كرد علي إلى سوريا، فأسس المجمع العلمي العربي ثم عين وزيرا للمعارف في حكومة جميل الألشي سنة 1920 وأعيد اختياره لشغل ذات المنصب في حكومة الشيخ تاج الدين الحسني بين عامي 1928و1931.
وقد أنشأ محمد كرد علي “مدرسة العلوم الأدبية العليا” وحولها إلى كلية بالجامعة السورية التي تكونت آنذاك من كليات الطب والحقوق والآداب والإلهيات.
مكنه إتقانه للغات العربية والفرنسية والتركية والفارسية من التفتيش في خزائن الكتب وغطت معارفه وكتاباته الأدب والتاريخ والفلسفة والسياسة والحضارة.
عرف محمد كرد علي بأنه داعية إحياء وتجديد يصدح بكرهه للظلم، ويؤكد التمسك بالهوية العربية. وفي الوقت ذاته ينادي بالسير على ركب الحداثة الغربية.
وصفه الشيخ محمد بهجة الأثري بقوله “أمة في رجل نافح عن العروبة والإسلام، ودعا إلى الحرية، وقاوم الاستبداد”. - ومن مؤلفاته السياسية “خطط الشام” وهو كتاب من أجزاء، و”الإسلام والحضارة العربية”، و”الإدارة الإسلامية في عز العرب”، و”أقوالنا وأفعالنا”، و”المسلمون والغربيون في الحروب الصليبية”، و”الحكومة المصرية في الشام”، و”ثلاث سنوات من حكم سوريا”.
وله في الأدب والتاريخ “دمشق مدينة السحر والشعر”، و”غابر الأندلس وحاضرها”، و”كنوز الأجداد”، و”أمراء البيان”. - توفي محمد كرد علي عام 1953 عن عمر ناهز 77 عاما ودفن بجوار الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان.