فقيه فلسطيني، وأحد كبار علماء الشريعة في العصر الحديث، شغل منصب عميد كليّة الشريعة بجامعة دمشق ورئيس قسم العقائد والأديان فيها، تبحّر في أصول الفقه الإسلامي وفي العلوم القانونية والسياسية، إلى جانب ثقافته الأدبية والتربوية.
- ولد محمد فتحي الدريني عام 1923 في الناصرة بفلسطين المحتلة، وهو الابن البكر للمرحوم الشيخ عبد القادر الدريني، إمام وخطيب الجامع الأبيض في الناصرة.
- بعد أن أنهى دراسته الثانوية في فلسطين، التحق بكلية القانون والشريعة التابعة لجامعة الأزهر وتخرّج فيها سنة 1947، ونال شهادة الليسانس في الآداب قسم اللغة العربية بتفوّق من جامعة القاهرة عام 1950، وحصل على شهادة عليا تخصص الأحوال الشخصيّة والإجراءات سنة 1951، وشهادة عالمية مع الإجازة في التدريس من كليّة اللغة العربيّة جامعة الأزهر سنة 1951.
كما نال الدكتور فتحي الدريني شهادة عليا في التربية وعلم النفس من جامعة عين شمس بالقاهرة سنة 1952، وشهادة العلوم السياسية، دراسات عليا، قسم الدكتوراه، من كلية الحقوق جامعة القاهرة سنة 1954، وشهادة في العلوم القانونية من معهد البحوث والدراسات القانونيّة التابع لجامعة الدول العربيّة سنة 1963، ونال شهادة الدكتوراه في الفقه الإسلامي وأصوله من جامعة الأزهر سنة 1965. - شغل منصب عميد كليّة الشريعة بجامعة دمشق ورئيس قسم العقائد والأديان فيها، ودرّس في مصر والجزائر والسودان وسوريا، ثم استقر في الأردن محاضرا كبيرا في قسم الدكتوراه في كلية الشريعة.
- تتلمذ الدكتور فتحي الدريني على الشيخ طه الديناري عميد كليّة القانون والشريعة بجامعة الأزهر، الذي وصف تلميذه بأنه أصولي ثبت، وعالم باحث دقيق النظر، قوي العارضة، أصيل الرأي، متين الحجّة، متوقّد الذكاء، ناصع البيان، يزيّن كل أولئك صفاء العقيدة، في صدق العبوديّة.
تبحّر في أصول الفقه الإسلامي، إلى جانب تضلّعه في العلوم القانونية والسياسية، كما اكتسب ثقافة أدبية وتربوية.
استنبط الدكتور فتحي الدريني نظرية التعسّف في استعمال الحق، بمعاييرها البيّنة الواضحة، وأقامها على أصول من مصادر الشريعة، ومقاصدها، وقواعدها الكلية، واجتهاد الأئمة من لدن الصحابة، ويؤكد أن التشريع الإسلامي في أصوله ونصوصه وروحه ومقاصده، يسبغ المشروعيّة على حريّة الفرد، ومصلحة الجماعة، في ضوء مقتضيات العدالة، وتطوّرات الحياة.
كما عرف بدقة المصطلحات الشرعيّة والقانونية، فقد عرّف الحق بأنه “اختصاص يقر به الشرع سلطة على شيء، أو اقتضاء أداء من آخر تحقيقا لمصلحة معينة”.
ويعد الدكتور فتحي الدريني داعية تقريب بين المذاهب الإسلامية، ويقول في مؤتمر عقد في البحرين عام 2003 إن التعصّب مذهبيا يحول بالضرورة دون التقريب بين المذاهب، بل يوسّع من شقة الخلاف بينها المؤدي بدوره إلى اختلاف المسلمين في ما بينهم على أمر تشريع ربهم، فضلاً عن أن المتعصّب مذهبيا إنما يبتغي دوماً نصرة مذهبه، لا نصرة شرع الإسلام، وكل ذلك فساد محرّم، بل يجب الحيلولة دون وقوعه، ما يشكل بالتالي عاملاً مؤثرا في الإخلال بتوازن المجتمع الإسلامي كلّه، إخلالا يتناول مقوّماته المادية والمعنوية على السواء، وهذا مما لا يجوز شرعا المصير إليه فما أدى إليه مثله.
- بحوزة الدكتور فتحي الدريني العديد من المؤلفات، هي: “المناهج الأصوليّة في الاجتهاد بالرأي في التشريع الإسلامي” عام 1996، و”نظريّة التعسّف في استعمال الحق” عام 1996، و”بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله” في مجلدات عام 1995، و”خصائص التشريع الإسلامي في السياسة والحكم” عام 1994، و”بحوث ودراسات في الفقه الإسلامي المعاصر” في مجلدات عام 1998، و”الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده” عام 1997، و”حق الابتكار في الفقه الإسلامي المقارن”.
- توفي الدكتور فتحي الدريني في الأول من يونيو/حزيران 2013 في سوريا عن عمر ناهز تسعين عاما.