مفكر إسلامي مصري يعد من أبرز المتخصصين في تاريخ الحركة الصهيونية، وهو أحد مؤسسي حركة كفاية المصرية المعارضة. حصل في حياته على كثير من الشهادات والجوائز، كان آخرها جائزة القدس.
ساعده تعمقه في أدبيات الفكر الغربي بشقيه الليبرالي والماركسي، على إدراك حقيقة الحضارة الغربية، واكتشاف الكثير من الأباطيل والهالات الزائفة عن الحداثة الغربية التي عطلت فعل النهضة في بلادنا،
كما عاين بنفسه خطورة فكر ما بعد الحداثة أثناء فترة بعثته وإقامته في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الأمر الذي أسهم في تغير وجهته الفكرية, وشعوره بضرورة مراجعة النموذج الفكري الذي تبناه، والبحث عن مشروع للنهضة مرتبط بجذوره الحضارية العربية الإسلامية دون انفصال عن ثقافة العصر.
أدرك المسيري بعد رحلة طويلة مع الفكر الغربي المادي، ودراسة الصهيونية كأحد تجليات الإمبريالية الغربية، أن هناك حاجة ترقى إلى مرتبة الضرورة لتطوير نماذج تحليلية للتعامل مع النموذج الحضاري الحداثي الغربي يحدد بدقة كيف يبحث الإنسان العربي المسلم عن إجابات لإشكاليات هذه الحداثة المقلقة، وأين يجده بالضبط؟
نذر عبد الوهاب المسيري عمره، وقصر عطاءه الفكري على النقد الحضاري للحداثة الغربية ومركزيتها المفرطة، التي شوهت الإنسان واستعبدته، ودمرت حضارات بأكملها، وشردت شعوبا؛ لتبني مجدها، وتراكم ثروتها، عبر تدمير هذه الشعوب أو الحاقها بها.
وكانت موسوعته عن اليهود واليهودية والصهيونية قمة نقده للمشروع الحضاري الغربي ووحشيته من خلال الصهيونية الاستيطانية الوظيفية التي زرعت في فلسطين العربية.
وبالرغم من أن القرن العشرين يذخر بالعديد من المفكرين النابهين الذين لا يقلون أصالة ولا أهمية عن المسيري, ولكننا لا نجد من بينهم من ركز نشاطه الذهني في محاولة فهم الحضارة الغربية فقط, دون أن يتحول عنه، وانصرف بالكلية إلى جعل كل كلمة يقولها، وكل موقف يتخذه وكل تصرف يصدر عنه في حياته، وسيلة لتحقيق هذا الهدف:
تشريح الحضارة الغربية ومشروعها الحضاري, تمهيدا لبناء مشروع حضاري مستقل يناسب أمتنا وإنساننا العربي المسلم, وينأى به بعيدا عن هوة ما بعد الحداثة المادية الاستهلاكية الحلولية التي أنهت عالم القيم الثابتة، وهمشت الإنسان بعد إعلانها موت الإله، وفكرة المركز والمرجعية تماما، وجعلت الإنسان جزء لا يتجزأ من الطبيعة .
أهم مقولاته
– الرغبة المعلوماتية حينما تنهش إنسانا فإنها تجعله يقرأ كل شيء حتى يعرف كل شيء، وينتهي الأمر بالمسكين أنه لا يعرف أي شيء .
– التقدم الغربي هو ثمرة نهب العالم الثالث و أن الحداثة الغربية لا يمكن فصلها عن عملية النهب هذه.
– عندما يدرك الناس أن الدولة تدار لحساب نخبة وليس لحساب أمة ،يصبح الفرد غير قادر على التضحية من أجل الوطن وينصرف للبحث عن مصلحته الخاصة.
– المثقف الذي لا يترجم فكره إلى فعل لا يستحق لقب المثقف.
– المشكلة أن الإعلام العلماني فقد ارتباطه بالواقع، ووجد نفسه مهمشاً ولم يعد له امتداد بين الجماهير, ولذا فهو يحاول تشويه الخطاب الإسلامي، وتصويره على أنه شيء واحد متجمد لم يدخل عليه أي تطور.
– إن الطبيعة الوظيفية لإسرائيل تعني أن الاستعمار اصطنعها لتقوم بوظيفة معينة فهي مشروع استعماري لا علاقة له باليهودية.
مشاركته فى الحياة السياسية
شارك المسيرى في تأسيس حركة كفاية المعارضة لنظام مبارك والذى قال عنه أنه أفسد مصر بدرجة فوق الوصف،
وكان يرفض فكرة التوريث جملة وتفصيلا، معتبرا افتقاد جمال لأى شىء جديد يمكن تقديمه للمصريين، قائله “التفاف مجموعة رجال الأعمال حول جمال انتقص كثيرا من أسهمه”.
“مش هبطل” بتلك الكلمات كان يرد المسيرى عن سبل تعامل نظام مبارك مع حركات المسيرى الإصلاحية، ورغم عمليات الاعتقالات التى كان يتعرض لها ، إلا أنه كان مستمرا وثابتا على عزيمته فى الاستمرار.
لم يمهله القدر لرؤية ثمرة دعواته الإصلاحية تتحقق على أيدى تلاميذه ومريديه، قد لاتجده يحمل علم مصر ويهتف بتلك الكلمات فى بؤرة الميدان، ولكن الأكيد أن أفكاره ظلت محلقة بميدان التحرير، تدعم شباب الثورة وتنعى روح الشهداء.
رحل عبد الوهاب المسيري الرائد الذي لم يكذب أهله، والذى زرع بذرة الثورة ولم ير الحصاد.