الدكتور فتحي عثمان ، علم من أعلام الفكر العربي والإسلامي المعاصر الذين أسهموا مبكراً في معالجة إشكاليات الفكر التقليدي الذي يقف عند مراحل معينة في التاريخ ، وتحليل ودراسة ما نتج عن ذلك الفكر من تطبيقات عملية وحركية على أرض الواقع.
وقد مكّنته خلفيته العلمية الموسوعية (من الآداب إلى العلوم السياسية مرورا بالحقوق) وتجربته العملية الواسعة في مجالات التدريس والتأليف والصحافة ، وصلاته الممتدة بكثير من العاملين على أرض الواقع ، من طرح رؤية متميزة في كثير من المجالات.
وهو أيضاً كاتباً ومفكراً ومعلماً وخطيباً وداعية، وكان مناصرا للقضايا الإنسانية، باحثا متميزا في فقه النوازل، مجتهدا في القضايا المعاصرة، منافحا عن قضايا تحرر الشعوب، خلّف عددا من الكتب والرسائل والمحاضرات في شتى مواضيع الفكر الإنسان.
ولد محمد فتحي عثمان في المنيا في 17 مارس عام 1928 ، وتخرج في جامعة القاهرة قسم التاريخ عام 1948 (أي وهو دون العشرين)، وقد انضم وهو في الجامعة إلى جماعة الإخوان المسلمين فكان نصيبه السجن والطرد من العمل، عاد بعد ذلك إلى الحقل الأكاديمي، حيث حصل خلال فترة وجيزة على شهادة ماجستير في القانون من جامعة الإسكندرية (1960) وأخرى في التاريخ من جامعة القاهرة (1962)
ثم ما لبث أن التحق بالأزهر كمدير لقسم البحوث والمكتبات، وساهم مع الإصلاحيين في قيادة الأزهر ووزارة الأوقاف وقتها في الجهود الرامية إلى تطوير وإصلاح الأزهر.
وخلّف ذكرا عطرا في عقول وقلوب تلامذته وأصدقائه وعارفيه، كان مناصرا لقضية الشعب الليبي، وقد حل ضيفا على المجلس الوطني للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا في دورتي انعقاده الثالثة بمدينة دالاس بولاية تكساس في أبريل 1992 ، والرابعة بمدينة أتلانتا بولاية جورجيا في أبريل 1995؛
علاوة على متابعاته المستمرة لمجريات الأمور ولجهود الجبهة النضالية، في نهاية الستينات انتقل إلى الجزائر حيث عمل محاضراً في جامعاتها، ثم سافر إلى الولايات المتحدة حيث حصل على درجة الدكتوراه من جامعة برنستون، وعمل بعدها محاضراً بجامعة الرياض في المملكة العربية السعودية؛
من هناك جاء إلى لندن في عام 1981 حيث عمل رئيساً لتحرير (أرابيا) حتى توقفت عن الصدور عام 1986 ، فانتقل إلى لوس انجليس للعمل بالمركز الإسلامي وجامعة جنوب كاليفورنيا، وأقام في شقة متواضعة في ضاحية مونتروز بلوس انجليس مع زوجته الأستاذة عايدة عبد الرحمن وابنته غادة أستاذة اللغة العربية حالياً في جامعة سان دييغو؛
وفي عام 1961 أصدر فتحي عثمان كتابه (الفكر الإسلامي والتطور)، الذي قدم فيه لأول مرة أطروحات جريئة حول إعادة صياغة الفكر الإسلامي بما يتواءم مع العصر، خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية وحقوق غير المسلمين، وقد كانت تلك الأطروحات غريبة وقتها؛
ولكن تأثر بها فيما بعد مفكرون كثر، وبنوا عليها، على رأسهم الأستاذ فهمي هويدي الذي اكد أنه اقتبس بعض أفكاره من مقالة نشرها فتحي عثمان في مجلة المسلم المعاصر، نشر الدكتور فتحي عثمان بعد ذلك أكثر من 25 كتاباً بالعربية والانكليزية، أبرزها كتاب (مفاهيم القرآن) الصادر عام 1996 في أكثر من ألف صفحة، وقد ركز فتحي في مقالاته وكتبه ومحاضراته على القرآن وإعادة فهمه وتفسيره.
حتى مقالاته في مجلة (أرابيا) كان أكثر من نصفها استشهادات بنصوص قرآنية، خلف فتحي عثمان وراءه ما نرجو أن يكون صدقة جارية من عشرات الكتب ومئات، إن لم يكن آلاف، المقالات والمحاضرات، جلها حول القرآن ومحاولات استجلاء معانيه وتنزيل قيمه على واقع المسلمين اليوم، كان حتى وهو قد تجاوز الثمانين لا يكل من الكتابة أو المحاضرة. ولكنه فوق ذلك خلف ذكرى طيبة عند كل من التقاه أو تعامل معه .
قالوا عنه
قال الدكتور عبد الوهاب الأفندي عنه:
” تعرفت على فتحي عثمان في صيف عام 1982 حين زرت مقر مجلة (أرابيا) في قلب لندن بناء على اقتراح الأخ الكريم أحمد كمال الدين الذي كان سبقني للعمل هناك لأناقش مع الناشرين العمل في تلك الدار، وكان العمل تحت قيادة فتحي عثمان ممتعاً ومدهشاً في آن معاً؛
فقد كان الرجل ديمقراطياً فكراً وممارسة، نادراً ما يفرض رأيه على المحررين، ولكنه كان في نفس الوقت مدافعاً شرساً عن حرية الكتاب وعن استقلالية المجلة، وفي عام 1996 أقام محبي الدكتور فتحي عثمان من ماليزيا وتونس وبريطانيا وأمريكا ومصر وبلدان أخرى لقاء فكرياً على شرفه، تحدثت فيه ثلة من المفكرين عن إشكاليات الإسلام والحداثة من زوايا مختلفة “.
وقال أيضاً:
” كان شخصاً دمث الأخلاق، حسن المعشر، شديد التواضع، شديد الاستقامة، رحمه الله وأحسن إليه “.
رسالته إلي الشباب
- تراث الدكتور فتحي عثمان
كتاب: السلفية فى المجتمعات الإسلامية,لتحميل الكتابPdf.png.
كتاب: حقوق الإنسان بين الشريعة والقانون الغربي,لتحميل الكتابPdf.png.
كتاب: المدخل للتاريخ الإسلامي,لتحميل الكتابPdf.png.
عبد الحميد بن باديس: رائد الحركة الإسلامية، 1987م.
الفكر الإسلامي والتطور، 1995م.
دولة الفكرة، 1973م.
عبد الحميد بن باديس ، رائد الحركة الإسلامية في الجزائر المعاصرة، 1987م.
آراء من تراث الفكر الإسلامي.
القيم الحضارية في رسالة الإسلام ، 1982.
من أصول الفكر السياسي الإسلامي: دراسة لحقوق الإنسان ولوضع رئاسة الدولة (الإمامة) في ضوء شريعة الإسلام وتراثه التاريخي والفقهي، 1984م.
إبراز الوحدة الكلية للإسلام عقيدة وشريعة كإطار للعرض المذهبي (مقال)، 2002م.
هل يكون هذا القرن للمسلمين قرن الفكر (مقال)، 2000م.
بين تناقضات الحاضر وآمال المستقبل: نقاط أساسية عن مستقبل العلاقة بين الإسلام والغرب (مقال)، 2002م.
إبراز الوحدة الإسلامية الكلية للإسلام عقيدة وشريعة كإطار للعرض المذهبي (مقال)،2003م.
تراث الفكر الإسلامي في النظم السياسية والإدارية : قطعة من التاريخ (مقال)،1975م.
قبل تقنين أحكام الشريعة الإسلامية كأساس لتطبيقها، لا بد من حوار علمي بين أهل الاختصاص في مناخ ديمقراطي سليم (مقال)، 1977م.
تحت الضوء: قراءات وخواطر (مقال)، 1977م.
الأرض في القرآن الكريم (بحث)، 1979م.
إبراز الوحدة الكلية للإسلام عقيدة وشريعة كإطار للعرض المذهبي (بحث)، 2002م.
الأرض في القرآن (بحث)، 1979م.
- توفى الدكتور فتحي عثمان عصر يوم السبت الموافق 11 سبتمبر 2010م.