بعد تغير استراتيجية الثوار في حلب من الدفاع إلى الهجوم والانتقال إلى الجبهات، تم تشكيل أكبر قوة عسكرية في مدينة حلب بتاريخ 25/12/2014 ضمت أكبر الفصائل العسكرية في المدينة وريفها تحت مسمى «الجبهة الشامية» وهي: (الجبهة الإسلامية في حلب ممثلة بلواء التوحيد – جيش المجاهدين – حركة نور الدين زنكي – تجمّع فاستقم كما أُمِرت – جبهة الأصالة والتنمية).
وترتبط فصائل الجبهة الشامية بغرفة عمليات عسكرية مشتركة فيما بينها، إضافة إلى دمج الذخيرة والسلاح ضمن مستودعات موحّدة باسم الجبهة الشامية، وتمّ سنّ قانون داخلي وافقت عليه الفصائل الموقعة يقضي بوجوب الالتزام براية الجبهة الشامية فيما يخص الذخائر والأسلحة، ومن يريد الانسحاب لا يستطيع أن يسحب معه أسلحته أو ذخائره التي تم دمجها جميعًا؛ لتكون تحت تصرف القيادة العسكرية للجبهة الشامية.
واعتبر هذا الاندماج لأكبر فصائل المعارضة في حلب هو الأول والأكبر من نوعه، منذ انطلاق المواجهات المسلّحة بين قوات النظام السوري وقوات المعارضة، قبل نحو ثلاث سنوات، وبعد إعلان الاندماج الكامل تحت راية واحدة وقيادة واحدة، تمّت تسمية عبد العزيز سلامة قائدًا عامًا للجبهة الشامية (وهو القائد السابق للجبهة الإسلامية في حلب)، والمقدّم محمد جمعة بكّور «أبو بكر» نائبًا له (وهو قائد جيش المجاهدين) إلا أن بعض الفصائل ما لبثت أن خرجت منها، بعد خلافات على بعض الأمور الإدارية، بينما انضم إليها عدد من الفصائل الأخرى من جديد.
وضمن جملة الإصلاحات الإدارية التي تشهدها فصائل المعارضة السورية تم مؤخرًا تعين حسام ياسين قائدًا عامًا للجبهة وهو من مواليد منطقة جبل سمعان الغربية، كان قد شغل مناصب متعددة في المعارضة المسلحة، والمقدم محمد حمادين نائبًا عسكريًا له، وهو الذي شكّل بعد انشقاقه «لواء أحرار الشمال»، وكان أحد مؤسسي «لواء التوحيد»، ومن أوائل الذين دخلوا مدينة حلب لتحريرها، كما تمّ تعيين «العقيد محمد الأحمد» ناطقًا عسكريًا باسم «الجبهة الشامية».
وبعد نحو شهرين من تأسيس «الجبهة الشامية»، أعلنت قيادة الجبهة عن ضمها حركة «حزم» في حلب في بداية شهر فبراير/شباط الماضي، بعد يوم واحد من اندلاع اشتباكات بين «حزم» وتنظيم «القاعدة في بلاد الشام» (جبهة النصرة)، فيما اعتبر وقتها أنه حماية قدمتها «الجبهة الشامية» لحركة حزم، لكن هذه الحماية لم تستمر إلا شهرًا واحدًا فقط، قبل أن تقرّر قيادة الجبهة الشامية فصل حركة حزم في نهاية شهر شباط.
وبدأت الانشقاقات بتشكيل «الفوج الأول» من مجموعة كتائب كانت تابعة لـ «الجبهة الإسلامية» في حلب «لواء التوحيد »، العضو في «الجبهة الشامية»، في مطلع آذار 2015 وفي مطلع نيسان من العام 2015 م أعلنت فصائل حركة «النور»، و«لواء أمجاد الإسلام»، و«تجمع كتائب الهدى»، وعدّة مجموعات تابعة للواء الأنصار، عن تشكيلها لتجمع جديد تحت اسم «ثوار الشام» بقيادة النقيب ناجي المصطفى الملقب «أبو حمزة»، وهو ما اعتبر الانشقاق الأكبر الذي عانت منه «الجبهة الشامية». وتعتبر الجبهة الشامية من القوى الثورية المعتدلة وتهدف إلى استمرار القتال ضد النظام السوري في حلب وريفها، إضافة إلى التأكيد العملي على القتال ضد «تنظيم الدولة»، وهو استمرارية لنهج الكتائب التي تحارب على هذه الجبهات، لكن تحت الراية الجديدة الآن.
حققت الجبهة الشامية انجازًا مهمًا مطلع العام 2016 من خلال ضمها لكتائب ثوار الشام، التي يقودها النقيب ناجي مصطفى، والمشهود لمقاتليها بالقوة والحنكة العسكرية، و هي عبارة عن كتائب موجودة في الساحة منذ بداية الثورة، وقد تمثلت سابقًا في لواء كتائب أمجاد الاسلام، وحركة نور الاسلام، وكتائب الهدى.
أما كتائب ثوار الشام اليوم فهي صورة جديدة على الساحة من حيث التنظيم، والهيكلية، والإدارة والقوة العسكرية في أماكن عديدة، ولها مواقع رباط عديدة رئيسية، وفرعية على كل الجبهات، فهي موجودة في منطقة الشيخ نجار ضد النظام، ولها نقاط رباط في قطاع هنانو، وفي قطاع العامرية، وتواجد في قطاع مارع ولها نقاط رباط في مواجهة «تنظيم الدولة الاسلامية».
وفي قطاع الكلاسة ضمن حلب المحررة تتواجد كتائب ثوار الشام، ومسئولة عن جزء رئيسي من هذا القطاع، وفي الريف الغربي أيضًا ابتداءً من خطوط المواجهة، والرباط في حرش الصحفيين الى آخر نقطة في ريف المهندسين غربًا، وكذلك في الريف الجنوبي في خطوط مواجهة ورباط في جبل عزان على امتداد عشرات الكيلومترات، و في منطقة الملاح، وفيها تتم العلاقة والتنسيق مع باقي قطاعات العمل في حلب.
ويوجد لدى «كتائب ثوار الشام» كتيبة «مضاد دروع» مجهزة بصواريخ مضادة للدروع من نوع «تاو» (وهو صاروخ أمريكي يطلق من منصات على مركبات أو من مروحيات)، بالإضافة إلى أسلحة وعتاد ثقيل، من مدرعات ومدافع هاون ورشاشات ثقيلة، وهو ما يشكل إضافة نوعية لتسليح «الجبهة الشامية» التي تعتبر أقوى الفصائل الحلبية لامتلاكها عتادًا متنوعًا وذخائر، بالإضافة إلى عدد مقاتليها الكبير.
إلا أنه في يوليو 2016م أفاد بيان نشرته كتائب ثوار الشام على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي الجمعة (1 تموز/يوليو)، بأن كتائب ثوار الشام بقيادة النقيب «علي شاكردي» أعلنت انفصالها عن الجبهة الشامية بكافة الكتائب الاختصاصية منذ 10 حزيران/يونيو الماضي، وذلك لعدم التزامها بشروط الاندماج، مشيرة إلى أن ما بقي من الجبهة الشامية هي أربع كتائب من كتائب الهدى بقيادة «أبو ياسين» وبعض من كتائب النور.
وأضافت بأنها عضو مجلس شورى في غرفة علميات فتح حلب بموافقة كافة فصائل حلب، ومكون رئيسي من غرفة العمليات.
وأكدت كتائب ثوار الشام أنه ليس لها أي علاقة بالجبهة الشامية لا إداريًا ولا عسكريًا ولا سياسيًا، وأنها مستمرة في القتال ضد النظام حتى آخر رمق.
وسبقت الجبهة الشامية هذا البيان بإصدار بيان في نفس اليوم، أفادت فيه بأن كتلة لواء أمجاد الإسلام بقيادة «علي شاكردي» أصر على الانفصال عن الجبهة الشامية، وبناءً عليه أعلنت الجبهة الشامية فصل الكتلة، مع بقاء كتائب ثوار الشام مكونًا رئيسيًا داخل الجبهة الشامية، وطالبت الجبهة الشامية في بيانها كتلة لواء أمجاد الإسلام بتسديد مستحقات الجبهة التي في ذمتهم.
وبشكل عام تعتبر «الجبهة الشامية» القوة الأكبر في حلب، وتتواجد في نصف جبهات المدينة والريف، ضد قوات النظام وتنظيم «الدولة الإسلامية» في آن معًا، ويفوق عدد مقاتليها الكلي مع انضمام «كتائب ثوار الشام» إلى صفوفها عشرة ألاف مقاتل.
وللتذكير فإن غرفتي «الموك والموم» عبارة عن غرفتي عمليات دولية مشتركة؛ الأولى موجودة في الأردن، والثانية في تركيا، وتترأسهما الولايات الأمريكية المتحدة مع مجموعة من دول أصدقاء الشعب السوري أهمها: السعودية، وقطر، وفرنسا، وتركيا؛ لدعم الجبهات الجنوبية والشمالية، وتقدمان الدعم لفصائل الجيش السوري الحر ذات الطابع المعتدل .
ويشمل الدعم متطلبات أي تشكيل عسكري: من الدعم بالسلاح، وانتهاء بالرواتب الشهرية للمقاتلين، والسلل الغذائية، وتلتزم مقابل ذلك فصائل المعارضة بخطوط عريضة أهمها مكافحة الإرهاب، وحماية الأقليات، وإنشاء دولة مدنية في سورية.